الموسيقى الإلكترونية: من طق طق للسلام عليكم

LTR: Omar Suleiman, Donna Summer, Kraftwek, Halim El-Debh

LTR: Omar Suleiman, Donna Summer, Kraftwek, Halim El-Debh

البدايات

من كان يتوقع أن القاهرة هي مهد ولادة الموسيقى الإلكترونية؟ أو أنها نشأت من تقنيات حربية؟ هل بدأت عام 1919م أو 1970م؟ تاريخ الموسيقى الإلكترونية من المواضيع المدهشة التي ترابطت مع العلوم الأكاديمية والابتكارات التقنية والعديد من العوامل التي اتحدت مع بعضها بطرق غير متوقعة، حتى وصلت إلى آذان المستمع.


الأوائل

نقطة البداية مُحيرة لاختلاف وجهات النظر، ولكن تعريفنا التاريخي سوف يقتصر على الموسيقى الالكترونية كفئة موسيقية من زاوية عربية، وهذا مايحدد نقطة بدايتنا الخاصة: حليم الضبع (٤ مارس ١٩٢١ - ٢ سبتمبر ٢٠١٧)، كان ملحن مصري-أميركي، ويعتبر من أهم رواد الموسيقى الكهروصوتية وأول موسيقي إلكتروني عربي. ألّف حليم أحد أوائل أعمال موسيقى الأشرطة في القاهرة، حيث استكشف تقنيات التلاعب بالصوت المُسجل. من أبرز أعماله كان The Expression of Zaar - 1944، والتي سبق فيها أعمال الرواد الآخرين في هذا المجال عالميًا. بالإضافة إلى المساهمة في تلحين عرض الصوت والضوء في أهرامات الجيزة الذي مازال يُعرض اليوم.

انتقلت الموسيقى الإلكترونية من مجرد تجارب مغلقة إلى بيوت الناس حين أصدرت الفنانة الإلكترونية الأميركية ويندي كارلوس - Wendy Carlos ألبوم 1968 - Switched-On Bach، و عزفت مقطوعات باخ الكلاسيكية باستخدام الآلة الإلكترونية الموسيقية (Moog Modular synthesizer)، الآلة التي اٌعتبرت الأولى من نوعها آنذاك. تلاه عملها في الموسيقى التصويرية لأفلام مهمة مثل A Clockwork Orange.


السبعينيات

في هذه الفترة، مازالت الموسيقى الإلكترونية شيء مجهول بالنسبة للشخص العادي، ولكن ظهر اسم جديد غيّر منظور الصوت الإلكتروني من طنين إلى لحن: كرافت فيرك - Kraftwerk، وهم فرقة موسيقية ألمانية يُعرفون كأول من أنتج الموسيقى بطريقة إلكترونية تمامًا. استخدموا السينثزايزر وآلات الطبول الإلكترونية لإنتاج ألحان وإيقاعات ألبومهم الأول 1974 - Autobahn. تتكرر كلمات الأغنية الرئيسية من الألبوم قائلة "نحن نقود على الطريق السريع" مرارًا وتكرارًا مع أصوات سيارات ومجموعة أخرى من التسجيلات المحيّرة.

استمرت الموسيقى الإلكترونية بالتطور وكانت موسيقى الروك من أكثر الفئات ترحيبًا بتجريب الأصوات والآلات الموسيقية الجديدة. ظهر في هذه الفترة الفنان الإنجليزي براين إينو - Brian Eno، مخترع الموسيقى المحيطة (Ambient Music)، تبعه العديد من الفرق الموسيقية: (Clock DVA, The Human League) وغيرهم.

بينما انشغلت أوروبا بهذه التجارب، بدأت موسيقى الديسكو بالظهور في أمريكا؛ فئة تُطمس من نقاشات الموسيقى الإلكترونية رغم تأثيرها البارز على الفئة. خصوصًا بعد إصدار أغنية I Feel Love للمغنية الأمريكية دونا سمر - Donna Summer، مع المُلحن جيورجيو مورودير - Giorgio Moroder; لجمهور لم يسبق له أن سمع أغنية مشابهة من قبل. أغنية جسّرت مابين الجمهور والموسيقى الإلكترونية، وأصبحت الفئة أكثر جاهزية للسيطرة على الموسيقى في عقد الثمانينات القادم، عقد "السينث بوب".


الثمانينات

كان المجال الموسيقي الإلكتروني عبارة عن تعاون عالمي مستمر مابين المخترعين والمهندسين والموسيقيين، فأصبحت الآلات الموسيقية الإلكترونية متوفرة وسهلة الوصول بأسعار منخفصة جدًا، ويعود الفضل في ذلك للشركات اليابانية المُصنعة لهذه التقنيات، مثل (Yamaha, Korg, Roland). من أهم الأدوات كانت آلة الطبول الإلكترونية Roland TR-808، والغريب أنها لم تحقق هدفها الأساسي في محاكاة أصوات الطبول الواقعية، مما أدى إلى انخفاض أسعارها بشكل كبير، مما جعلها من أكثر الأدوات شيوعًا ومكّنت موسيقيين صاعدين لابتكار فئات جديدة مثل (الهاوس) من شيكاغو و(التكنو) من ديترويت و(الهيب هوب) من نيويورك. ثم أصبحت الموسيقى الإلكترونية جزءًا أساسيًا في أغاني الراديو والموسيقى التصويرية للأفلام.


التسعينات

الانطلاق الحقيقي للموسيقى الإلكترونية حصل في التسعينيات مع توسع الأفكار الموسيقية وإتقان الفنانيين لأدواتهم الإلكترونية. فُتحت الساحة بشكل كبير بفضل الموسيقى الراقصة وبدأت الفئات بالتوسع إلى فئات فرعية. وتلك الروح الاستقلالية التي شجعت على الابتكار الذاتي أنتجت أعمال لم تتوقف عن إلهام كل جيل قادم إلى يومنا هذا، مثل Daft Punk, the Chemical Brothers, Björk, Orbital, Massive Attack.


العالم العربي

وجهة النظر الموسيقية العربية لم تكن متأثرة بالموسيقى الإلكترونية وحسب، بل دمجتها في التقاليد الموسيقية العربية ورحبت بالتجارب الجديدة بشكل واسع. صدرت العديد من الألبومات الإلكترونية من جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا التي كانت أقل شعبية ولكن تضمنت تجارب في الهاوس والتكنو مثل بعض إصدارات وليد الرويسي وأحمد وأمين والشب خالد. بالإضافة إلى الفنان الجزائري رشيد طه، والفنان السوري عمر سليمان الذي دمج الموسيقى الإلكترونية بالدبكة.

وفي الألفينيات حصلت موجة مختلفة. في القاهرة، ظهرت موسيقى المهرجانات (إلكترو-شعبي)، وخلطت أصوات السينثزايزر وآلات الطبول الإلكترونية مع ثقافة الشارع، لتصبح من أهم الظواهر الموسيقية العربية التي وصلت لجمهور عالمي. وفي المغرب وتونس، استمرت التجارب الإلكترونية بالتقاطع مع الراي والمالوف والأنماط التقليدية مولدةً صوت جديد.

نشأ جيلنا الحالي على ثروة من الموسيقى الإلكترونية من خلال مصادر متعددة مثل ألعاب الفيديو والأفلام وثقافة الإنترنت. لامس هذا التأثير مشهد الموسيقى العربية الإلكترونية بطريقة كبيرة، نظرًا لطبيعة الأدوات الإلكترونية التي وفرت استقلالية أعلى. فُتحت أبواب من الإمكانيات لم تكن متاحة سابقًا حفزت جيل جديد مُحمل بالأفكار لترك بصمته وتحطيم حواجز الوصول للعمل الموسيقي. هذه الأدوات مثلت نافذة في ظل شح الموارد وصعوبة التسويق للمشاريع المستقلة، وبالنسبة للموسيقيين العرب، تقنيات السينثزايزر البرمجي Software Synthesizers, مكتبات الصوت Sample Libraries, وأرشيفات الإنترنت العميقة بسّطت تقنيات الموسيقى وأتاحت المجال لشريحة أكبر وأكثر تنوعًا من الفنانين ليستمروا في إنتاج موسيقاهم الخاصة.

Next
Next

مايا ونبيل: على جبهة الشوجيز العربي