مسودة: رهاب وقت القراءة
أين يذهب وقتي عندما يتعلق الموضوع بالقراءة؟
مدة القراءة: 3 دقائق
مراجعات أفلام ومقالات وكتب غير قانونية، تليها أعداد هائلة من المجلات ووصفات الطبخ متبوعة بسَلطة من الصُحف التي تنشر أخبار ونظريات مؤامرة درامية. على هذه الشاكلة، تتكدس صفحات متصفح الإنترنت، وفي كل مرة أحاول فيها فتح التطبيق بحثًا عن معنى كلمة ما أو عن مواعيد عمل (ذلك المطعم) أجد تلك الصفحات تحدق فيّ: لن تستطيع قراءة هذا الكم الهائل من الصفحات.
عند صف المحاسبة، أحاول حشر أكبر عدد ممكن من الكلمات أو عدة صفحات ناعسة قبل نومي في ساعة متأخرة؛ كلمات أعجز عن تذكرها لاحقًا.
هي محاولات شغوفة، وليست قسرية لممارسة القراءة. اتشارك الإحساس مع غالبية الناس حين أصف القراءة بأنها نشاط أستمتع به، وأجد فيه الكثير من الرضا مما يزيد عجبي أمام السؤال: أين يذهب وقتي عندما يتعلق الموضوع بالقراءة؟
"٥ نصائح لتقرأ كتب أكثر، ١٠ طرق لتزيد إنتاجيتك، كيف تصبح إنساناً مثقفاً؟" تصيغ المنشورات المبتذلة حلولها للمشكلة بهذه الطريقة. وتفشل بالإجماع في تقديم إجابة فعالة ومنطقية. لا أطيق الطريقة التي يعجزون فيها عن رؤية المشكلة من زاوية إنسانية. يعجزون عن إرشادنا للوصول لأهدافنا بسعادة خالصة ورضا بدون أن تُدمي بحماستنا للأمور البسيطة.
القراءة فعل بسيط، ويجب أن يعامل كجزء يومي اعتيادي غير مرتبط بقيمة الفرد الفكرية. لا يوجد ما هو أكثر إثارة للشفقة من أن نتظاهر بالاهتمام بالكتب حتى نظهر أكثر ذكاءاً وجاذبية.
لسنا حمقى لأننا لا نجد الوقت الكافي للقراءة، ولسنا عاجزين عنها كذلك. قضية القراءة مرتبطة بوثاق مع تصميم التكنولوجيا التي نمتلكها وتمتلكنا. تتحكم المنصات في المحتوى الذي نصنعه والذي نشاهده حتى تحت قناع اللوغاريتمات المخصصة لنا شخصيًا.
حقيقة، قد تبدو ثقافة القراءة غير مرحبة. ولكن في الواقع، الكتابة ليست أكثر من مجرد وسيلة تخاطب مابين مرسل ومتلقي. وقد يفشل الكاتب في إيضاح مقصده داخل سياق منطقي وحديث وذو صلة، وبذلك يبني حاجز يعجز القارئ عن تجاوزه.
إذًا، لماذا نتجنب القراءة؟
لا يقع اللوم حصرًا على القارئ. فقد يشعر بأن الكتّاب متحذلقين ويفشلون في إيجاد طريقة فعالة للتواصل مع القارئ، ويُحبط حين يُلام من قبل قراءاته حين تتحداه بلا غرض ولا حجة، فيتراجع عن القراءة حين يعجز عن ربطها بحياته.
تغمرنا تفاصيل الحياة وننجرف مع الصراعات الفردية وتعدد الاجابات ووجهات النظر. وفي لحظات الصراع ذلك، أحثّ نفسي على الإيمان بقراراتي الشخصية حول ما أريد أن أقرأه، يجب أن ننسلخ من ثقافة القراءة الاضطرارية؛ ذلك النوع من الإلزام الثقافي يحول نشاطاتنا البسيطة إلى عذابات مصغرة تلوث نظرتنا وتدفعنا للتكاسل لاننا وبطبيعة الحال، ماعدنا نستمتع بالقراءة.
فلنخفف من عبء القراءة. لنجعله فعل مرتكز على الانجذاب الخالص لما نقرأ، فلنعلن نهاية لوائح الاقتراحات التي لا تتماشى مع الحماسة والرغبة الفريدة الخالصة.